لماذا أكتب: متعة وهدف الكتابة في العمل الإنساني

منذ حوالي ثماني سنوات، بدأت رحلتي مع الكتابة. كان قرارًا بسيطًا لكنه عميق، مدفوعًا برغبة في التعبير عن أفكاري ومشاركة تجاربي في بيئة لم تكن تتيح ذلك بسهولة. أصبحت الكتابة منفذي، طريقتي لمشاركة المعرفة التي كنت أكتسبها والتعبير عن الأفكار التي كانت تدور في ذهني. كما كانت وسيلة لتحسين مهاراتي في كتابة المقترحات والتقارير، التي كانت جزءًا من وظيفتي.

بدأت أولاً بالكتابة باللغة العربية، اللغة التي نشأت معها، قبل أن أتحول إلى الكتابة بالإنجليزية. والآن، أكتب بشكل رئيسي باللغة الإنجليزية. على مر السنين، تطورت أهدافي من الكتابة والنشر، لكن المتعة التي أجدها في الكتابة لم تتغير. أحب أن أرسم الأفكار في دفتري، وأخطط لهيكل ما سأكتبه. هناك شعور معين بالرضا عند الغوص في البحث، وقراءة المصادر، ثم نسج كل ذلك معًا على جهاز الكمبيوتر الخاص بي. إنها عملية لا تتحداني فقط، بل تنشطني أيضًا. حتى في حياتي المهنية، أستمتع بكتابة الوثائق التشغيلية أو الاستراتيجية، والإجراءات، والإرشادات، والكتيبات. كما أحب تصميم الأطر أو ربط العمليات بالسياسات.

أتردد في وصف نفسي ككاتب محترف؛ هذا المصطلح لا يناسبني تمامًا. الكتابة بالنسبة لي هي مصدر للفرح، وسيلة للغوص في وجهات نظر مختلفة وتعميق فهمي للعالم. كتابات الآخرين تلهمني، والمناقشات التي تثيرها كتاباتي—سواء كانت تتوافق مع آرائي أو تتحداها—لا تقدر بثمن. هذه التفاعلات توسع آفاقي وتثري فهمي.

على الرغم من أن دوافعي للكتابة قد تطورت لتشمل زيادة الوعي، وتحدي الأعراف، ونشر المعرفة داخل القطاع غير الربحي، إلا أن جوهر ومتعة الكتابة بالنسبة لي لم يتغيرا. أجد المتعة في العملية الإبداعية لكتابة مقال. على مر السنين، كتبت العديد من المقالات التي لم تنشر—تأملات من الميدان، ورؤى من المهمات السابقة، وأفكار شخصية. على الرغم من عدم نشرها، إلا أن عملية كتابتها كانت مرضية بحد ذاتها. أحب أن أفكر في الكتابة كأنها استوديو فني خاص بي، حيث أكون الفنان الغريب الأطوار الذي يرسم بالكلمات بدلاً من الفرشاة. كل قصة أرويها هي مثل لوحة ملونة، مليئة بالشخصيات النابضة بالحياة والتحولات المثيرة.

يرى الكثيرون أن الكتابة هي عمل شاق، لكنني أراها بشكل مختلف. بالنسبة لي، هي مصدر للفرح، والطاقة، والإلهام. عندما يسألني أحدهم عما أفعله للتسلية أو عندما لا أكون في العمل، أذكر المشي، والتصوير الفوتوغرافي، وقضاء الوقت مع الأصدقاء، والقراءة—ونعم، الكتابة. إنها شيء أستمتع به، وأحب أنه جزء من حياتي.

في هذه المدونة، أود أن أشارككم لماذا أعتقد أيضًا أن الكتابة مهمة لأولئك الذين يعملون في القطاع الإنساني، بناءً على رحلتي الخاصة:

تضخيم الأصوات والقصص: تتيح لي الكتابة مشاركة تجارب وقصص الأشخاص الذين نخدمهم، مما يمنح صوتًا لأولئك الذين لا صوت لهم ويجعل الإحصاءات التي غالبًا ما تكون طاغية في الأزمات والكوارث أكثر إنسانية. إنها طريقة لضمان عدم ضياع هذه الروايات الهامة.

زيادة الوعي والمناصرة من أجل التغيير: من خلال الكتابة، تمكنت من زيادة الوعي حول القضايا الحرجة، والدفاع عن التغيير، وتعبئة الدعم للقضايا الهامة. إنها طريقتي في المساهمة في الجهود الأوسع في المجال الإنساني من منظور عالمي ومحلي.

التأمل والتعلم: توفر لي الكتابة مساحة للتأمل. تساعدني في معالجة تجاربي، والتعلم من التحديات، والنمو على الصعيدين الشخصي والمهني. لقد كانت أداة أساسية للتعلم المستمر والتطوير.

إلهام العمل: من خلال مشاركة عملي والتأثير الذي يحدثه، رأيت كيف يمكن للكتابة أن تلهم الآخرين لاتخاذ الإجراءات—سواء كان ذلك من خلال التطوع، أو التبرع، أو المناصرة من أجل التغيير. إنه شعور مجزٍ للغاية أن ترى كيف يمكن للكلمات أن تحشد الدعم.

بناء المجتمع والتواصل: ساعدتني الكتابة في التواصل مع الآخرين في المجال، مما يخلق شعورًا بالمجتمع والغرض المشترك. إنها وسيلة للتفاعل مع أفراد يشاركونني التفكير وبناء شبكات دعم وتعاون، حتى مع أولئك الذين لم ألتق بهم شخصيًا. كما أنها بنت جسورًا بيني وبين الكثيرين من القطاع الخاص أو أولئك الذين يعملون في دول أو قطاعات أخرى.

تحدي الافتراضات والصور النمطية: من خلال كتاباتي، تمكنت من تحدي الصور النمطية وسوء الفهم حول الأشخاص الذين نخدمهم وطبيعة العمل الإنساني. من المهم بالنسبة لي أن أقدم صورة أكثر دقة وتفصيلًا. كما ساعدتني على بدء محادثات حول مواضيع غير مألوفة أو لا يتم مناقشتها غالبًا.

التوثيق والحفاظ على المعلومات: تعمل الكتابة كوسيلة للتوثيق، مما يحافظ على التجارب والدروس المستفادة للآخرين وفي كثير من الأحيان لنفسي. إنها وسيلة لضمان عدم ضياع المعلومات القيمة.

تطوير التفكير النقدي والتحليل: الكتابة حول بعض الموضوعات تتطلب التفكير النقدي والتحليل، وهما مهارتان أساسيتان للعمل الإنساني الفعال. إنها تعزز قدرتي على تقييم المواقف، وإجراء الروابط، وتطوير حجج مدروسة جيدًا.

تعزيز المساءلة والشفافية: أعتقد أن الكتابة ساعدتني في العديد من الأحيان على تعزيز المساءلة والشفافية في الأماكن التي عملت فيها. لقد كانت وسيلة لإثارة الأسئلة أو زيادة الوعي حول المواضيع التي لم يتم تناولها أو مناقشتها.

العثور على الفرح والإشباع الشخصي: كما ذكرت، الكتابة هي مصدر للفرح والإشباع الشخصي بالنسبة لي. إنها تتيح لي إيجاد المعنى والهدف في عملي، مما يساعدني على البقاء متحمسًا وشغوفًا بما أفعله.

لذا، سواء كان ذلك من أجل التأمل الشخصي، أو التطوير المهني، أو ببساطة من أجل المتعة، أشجع زملائي في القطاع الإنساني على الكتابة أكثر. الكتابة لديها القدرة على تحويل ليس فقط حياتنا، بل حياة أولئك الذين نخدمهم أيضًا. لا يهم ما إذا كانت منشورة أو محفوظة بشكل خاص—ما يهم هو أن تصبح أداة للنمو، والتواصل، والإلهام.

اكتب باللغة التي تشعر أنها الأكثر طبيعية لك، ولا تخف من مشاركة صوتك الفريد مع العالم. كل قصة، وكل منظور، وكل فكرة لديها القدرة على إحداث التغيير، وتحدي الأعراف، وبناء جسور بين المجتمعات. كلماتك يمكن أن تضخم أصوات أولئك الذين غالبًا ما لا يسمعون وتسلط الضوء على القضايا الأكثر أهمية.

لذا، التقط قلمك، افتح حاسوبك المحمول، وابدأ في الكتابة. لا تعرف أبدًا كيف قد تؤثر كلماتك على الآخرين—أو حتى على نفسك. في عالم يظل فيه الكثير دون أن يُقال، دع كتاباتك تكون الصوت الذي يتحدث، واليد التي تمد يد العون، والشرارة التي تشعل العمل. معًا، من خلال قصصنا وتجاربنا المشتركة، يمكننا خلق عالم أكثر وعيًا وترابطًا وتعاطفًا.

علي المقداد: مدير تنفيذي متمرس معروف ببراعته الاستراتيجية وخبرته الواسعة في تحقيق التميز التشغيلي وتطوير البرامج. يتميز بخلفية قوية في صياغة السياسات والحكم، ويتفوق في وضع وتنفيذ استراتيجيات رؤية تعزز فعالية المنظمات وتحقيق نمو مستدام. قيادته تمزج بين البصيرة التشغيلية العميقة والالتزام بالحكم عالي التأثير والحلول المبتكرة.